التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من 2016

عزيزي سانتا

عزيزي سانتا، سأحكي لك قصّة: بعد ظهر اليوم، قررت النوم في قيلولة قليلًا، خطوة لا يقوم بها عادة من يخافون استراحة نوم النّهار، خوفًا من أن يعكّر هذا النّوم مزاجهم أكثر. لكني كنت متعبة، أو أردت الهروب بعض الشّيّ، فأحضرت غطاءً دافئًا من غرفتي، ونمت على كنبتي الخضراء. وبعد ساعتين، استيقظت وقررت أن أُشغل السّماعات الكبيرة التي أحضرها صديقٌ قبل أيام بمناسبة الكريسماس.. وخلال محاولتي التعلّم على الجهاز الجديد، اكتشفت أنه يحتوي على راديو أيضًا. فرحت (آه والله). وعندما وضعت "مود" الجهاز على الرّاديو، خرج للفور صوت أم كلثوم منه، يغنّي مقطع: "افتكرلي لحظة حلوة عشنا فيها للهوى".. أوقفت الجهاز، وقررت أن أحكي لك هذه القصّة، كي أطلب منك طلبًا، وذلك قبل أن أعود إلى النّوم من جديد. عزيزي سانتا، احضر لي ذكريات جديدة مع الأغاني التي أحبّها. شكرًا.

بقلب حكاية

قبل أيام قليلة، التقيت بصديقة عرفتها عن طريق أصدقاء مشتركين. كان ذاك اللقاء هو الأوّل بيننا، ولظروف ما؛ اضطررت أن ألتقي بها لوقتٍ قصير، ما يقارب ساعة من الزّمن. بعد يوم على اللقاء، أرسلت لها رسالة مفادها بأني سعيدة بمعرفتها وبأني أعتذر على ضيق الوقت، فأجابتني: "أحيانًا الواحد ما بحتاج إلا لحظة، ولوّ مختزلة ومختصرة، عشان يحس فيها إنّه بقلب حكاية". # وهذا_جميل

عن الخوف About fear

نرمي أنفسنا في البحر، ولا نخاف. نركب السّفن إلى موانئ نجهلها، ولا نخاف. نتجوّل في شوارع لا نعرفها، مظلمة، طويلة، بلا ضوء واضح في آخرها، ولا نخاف. ننام على مقاعد في محطّات قطار لا نعرف لغتها، ولا نخاف. نعيش في حضن الموت المحتمل كل دقيقة، ولا نخاف. نبتعد عن بيوتنا، ولا نخاف. ندفن أمواتنا في قبورهم، ولا نخاف.  نخاف، لو أمطرت السّماء فجأة بعد يوم مشمس. أو حين تقع كأسًا من الطّاولة إلى الأرض وتتكسر في زوايا البيت المؤقت. نخاف، لوّ غيّرنا مكان الشّمعة من الرّف إلى الشّباك. أو لو احترقت لامبة الغرفة فجأة. نخاف، إن نست صديقة أن تلبي طلبًا بسيطًا ما، وإن اتصلنا بأحد، ولم يجب على مكالمتنا. نخاف من كلّ الأفكار التي يحضرها الخوف إلى عقولنا، نخاف على قلوبنا الطّيّبة. We throw ourselves into the sea, without being afraid. We ride boats to strange ports, without being afraid. We wander in strange, dark, long roads without being afraid. We sleep on strange seats in random train stations and strange language, without being afraid. We live on the lap of the sudden death without being

صحّة

بالطريق من برلين إلى مطارها، سألني سائق التاكسي عن المكان الذي جئت منه، بطبيعة الحال تحدثنا في السّياسة قليلًا، ومن ثم حدثني عن عمله وعن برلين، وانتقل في حديثه إلى مفهوم الحرية. عندها، تطرق إلى "أوشو"، فيلسوف هنديّ، كان السّائق من أحد متابعيه. عندها سألته: "بماذا يؤمن أوشو؟"، قال: "لا شيء"، وضحك. ثم أكمل إجابته: "كان يقول: "كن حرًا وواعيًا، عندها ستحدث الأشياء". انتهى حديثنا حين وصلت المطار، وكان قد أعطاني بطاقته التي تضمّ معلومات عن البيوت التي يؤجرها في برلين. وصلت شتوتغارت عند الحادية عشر صباحًا، متوجهة مع سائق تاكسي نحو موقع الجامعة. سألني السّائق السّؤال المتكرر: "من أين أتيت؟"، قلت له: "من فلسطين، لكني وصلت برلين بداية، وجئت منها إلى هُنا". "وماذا ستفعلين؟"، سألني. حدثته عن إقامتي وأضفت لها: "سأكتشف المدينة أيضًا". فقال لي: "ستكتشفين المدينة المملة". "لم تكن هذه الجملة ذكيّة لمن وصلت للتوّ إليها قادمة من برلين"، قلت له.. وضحكنا. عند السّاعة الثّالثة والنصف ظهرًا، التق

دمشق في بيتي

في شهر شباط/ فبراير ٢٠١٥، نقلت عَ بيت جديد بحيفا، بعد ما كنت عايشة ٣ سنين بعكّا، وقبلها كنت برام الله وقبلها بحيفا وقبلها بالقدس وبالأساس بيتي الأبديّ اللي في عكّا.. البيت اللي بحيفا، موجود بمنطقة شارع الجبل.. شبابيكه بتطلّ على الجبل، وشباك الحمام بطلّ على جهة البحر.. وفيه كمان جنبه سطح كبير، لبناية ثانيّة، بس إلنا مناليّة عليه.. السّطح بطلّ عل الجبل والبحر والجليل وجبل الشّيخ.. لما وصلنا البيت، كان فيه أغراض كتير، خلوها النّاس اللي كانوا ساكنين فيه.. رمينا كل إشي، ما عدا إشي  واحد: هاد الشّرشف اللي بالصّورة.. لما مسكته، انتبهت على الماركة اللي عليه، واللي مكتوب عليها: دمشق- سورية. غسلته، ولقيتله مكان بالصالون.. وكل الوقت محطوط على الكنباي إنه تضل هالورقة مبيّنة.. وكل ما أشوفها، أفكر إنه دمشق ببيتي.. براويحها اللي عمري ما شميتها.. بس قادرة أشمّها. رح أترك هالبيت قريبًا.. ورح أحمل هالشرشف معي.. زي ما بحمل كل المدن الجميلة، اللي زرتها واللي ممنوعة إني أزورها- بس بعرفها منيح، بقلبي.. والقلوب بيوت.

وجه أزرق مبتسم

في الطّريق من البيت إلى العمل هذا الصّباح، رأيت امرأة وطفلها، يمشيان باتجاه مدخل بناية، عند المدخل، كان والد الطّفل ينتظر، عندما رآه، "قرمز" على الأرض وفتح يديه وابتسم. ركض الطّفل باتجاه والده، حضنه، رفع طفله باتجاه السّماء. ثم قال الطّفل: "بدك توخدني عند تيتا؟". كان يبدو أن الطّفل مشتاق لوالده ولـ "تيتا"، وجاء لزيارتهما مع والدته. وأنا أمشي، رأيت طعام قطط على الأرض، يبدو أن شخصًا ما وضع في مناطق عديدة على رصيف الشّارع قليل من الطّعام لقطط الشّوارع. تذكرت أن قطتي "دلوعة"، وأني مضطرة إلى تغيير برامجي نهاية هذا الأسبوع كي آخذها إلى البيطريّ، لأنها تتألم منذ يومين. وأنا أفكر بقطتي، وصلتني رسالة من صديق يسكن عند أحد شواطئ المتوسط البعيدة. سألني: "كيفك؟". وأثناء تفكيري بإجابة أكتبها له، وتنقل حالتي بالفعل، انتبهت أن شاحنة تركت الشارع واعتلت الرّصيف وتمشي باتجاهي. انقطع حبل أفكاري، أو أحبال قلبي. فتركت الرّصيف ومشيت على الشّارع. رغم أن هذه هي المرة الأولى تقريبًا التي اخترت فيها، أو لم أختار، يعني هيك جاءت بالصدفة، أن أمشي على رصيف ه

مدخل وادي الصّليب

كيف يمكن لعاشقين غريبين عن وادي الصّليب* أن يقبّل أحدهما الآخر عند أحد مداخله، وأنا مقطوعة عن قلبي؟ *وادي الصّليب، حيّ فلسطينيّ مهجّر في حيفا المحتلة. الصّورة: 31 كانون الثّاني 2016. 

بياف

بعد محاولات عديدة، وصلتني رسالة إلى بريدي مفادها أنّي حصلت على موافقة لإجراء مقابلة صحفيّة معها. لم أتمالك نفسي، انطلقت مني صرخة فرح أصابت الناس من حولي في البريد بالذهول، ولكي أبرر فرحتي، قمت بقراءة توقيع الرسالة بصوتٍ عالٍ: مديرة أعمال إيديث بياف. ذهبت قبل الموعد بنصف ساعة، انتظرتها في غرفة صغيرة تطلّ على حديقة بيتها. جلست على كرسي أمام البيانو وأنا أرتجف وأعيد قراءة أسئلتي. أقرأ سؤالًا، وأسرح بتفاصيل حياتها؛ طفولتها المنبوذة من والدتها المهملة، والدها لاعب السيرك الفاشل، طفولتها في بيت الدعارة التابع لجدتها، مرضها، الفقر، الكحول، الغناء بالشوارع، ابنتها التي ماتت طفلة، شهرتها، نجوميتها، حبيبها مرسيل المغربيّ الذي تحطمت فيه الطائرة وهو ذاهب لزيارتها. دخلت بياف، جلست أمامي على كرسي البيانو، بهدوء لا يشبه ضجيج حياتها. رفعت رأسي، نظرت إليها، وسألتها سؤالًا واحدًا فقط: " بعيدًا عن الأغنية ، هل فعلًا لم تندمي على شيء؟".